فصل: خبر يحيى بن عبد الله في الديلم.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وفاة الهادي وبيعة الرشيد.

ثم خرج الهادي إلى حديقة الموصل فمرض واشتد مرضه هناك واستقدم العمال شرقا وغربا ولما ثقل تآمر القواد الذين بايعوا جعفرا في قتل يحيى بن خالد ثم أمسكوا خوفا من الهادي ثم توفي الهادي في شهر ربيع الأول سنة سبعين ومائة وقيل توفي بعد أن عاد من حديقة الموصل ويقال إن أمه الخيزران وصت بعض الجوارى عليه فقتلته لأنها كانت أول خلافته تستبد عليه بالأموار فعكف الناس واختلفت المواكب ووجد الهادي لذلك فكلمته يوما في حاجة فلم يجبها فقالت: قد ضمنتها لعبد الله بن مالك فغضب الهادي وشتمه وحلف لاقضيتها فقامت مغضبه فقال: مكانك وإلا انتفيت من قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن بلغني أن أحدا من قوادي وخاصتي وقف ببابك لأضربن عنقه ولأقبضن ماله ما للمواكب تغدو وتروح عليك؟ أما لك يشغلك أو مصحف يذكرك أو بيت يصونك؟ إياك إياك لا يفتحي بابك لمسلم ولاذمي! فانصرفت وهي لا تعقل ثم قال لأصحابه: إيكم يحب أن يتحدث الرجال بخبر أمه ويقال فعلت أم فلان وصنعت؟ فقالوا لا نحب ذلك قال: فما بالكم تأتون أمي فتتحدثون معها؟ فيقال: إنه لما وجد في خلع الرشيد خافت عليه منه فلما ثقل مرضه وصت بعض الجواري فجلست على وجهه فمات وصلى عليه الرشيد وجاء هرثمة بن أعين إلى الرشيد فأخرجه وأجلسه للخلافة وأحضر يحيى فاستوزره وكتب إلى الأطراف بالبيعة وقيل: إن يحيى هو الذي جاءه وأخرجه فصلى على الهادي ودفنه إلى يحيى وأعطاه خاتمه وكان يحيى يصدر عن رأي الخيزران أم الرشيد وعزل لأول خلافته عمر بن عبد العزيز العمري عن المدينة وولى مكانه إسحق بن سليمان وتوفي يزيد بن حاتم عامل أفريقية فولى مكانه روح بن حاتم ثم توفي فولى بنه الفضل ثم قتل فولى هرثمة بن أعين كما يذكر في أخبار أفريقية وأفراد الثغور كلها عن الجزيرة وقنسرين وجعلها عمالة وسماها العواصم وأمره بعمارة طرسوس ونزلها الناس وحج لأول خلافته وقسم في الحرمين مالا كثيرا وأغرى بالصائفة سليمان بن عبد الله البكائي وكان على مكة والطائف عبد الله بن قثم وعلى الكوفة عيسى بن موسى وعلى البحرين والبصرة واليمامة وعمان والأهواز وفارس محمد بن سليمان بن علي وعلى خراسان أبو الفضل العباس بن سليمان الطوسي ثم عزله وولى مكانه جعفر بن محمد بن الأشعث فسار إلى خراسان وبعث ابنه العباس إلى كابل فاقتتحها وافتتح سابهار وغنم ما كان فيها ثم استقدمه الرشيد فعزله وولى مكانه ابنه العباس وكان على الموصل عبد الملك بن صالح فعزله وولى مكانه إسحق بن محمد بن فروح فبعث إليه الرشيد أبا حنيفة حرب بن قيس فأحضره إلى بغداد وقتله وولى مكانه وكان على أرمينية يزيد بن مزيد بن زائدة ابن أخي معن فعزله وولى مكانه أخاه عبد الله بن المهدي وولى سنة إحدى وسبعين على صدقات بني ثعلب روح بن صالح الهمداني فوقع بينه وبين ثعلب خلاف وجمع لهم الجموع وفبيتوه وقتلوه في جماعة من أصحابه وتوفي سنة ثلاث وسبعين محمد بن سليمان والي البصرة وكان أخوه جعفر كثير السعاية فيه عند الرشيد وإنه يحدث نفسه بالخلافة! وأن أمواله كلها فيء من أمواله المسلمين فاستضفاها الرشيد وبعث من قبضها وكان لا يعبر عنها من المال والمتاع والدواب واحضروا من العين فيها ستين ألف ألف دينار ولم يكن إلا أخوه جعفر فاحتج عليه الرشيد بإقراره أنها فيء وتوفي سنة أربع وسبعين والي الرشيد إسحق بن سليمان على السند ومكران واستقضى يوسف بن أبي يوسف في حياة أبيه وفي سنة خمس وسبعين عقد لابنه محمد بن زبيدة ولاية العهد ولقبه الأمين وأخذ له البيعة وعمره خمس سنين بسعاية خاله عيسى بن جعفر بن المنصور ووساطة الفضل بن يحيى وفيها عزل الرشيد العباس بن جعفر عن خراسان وولاها خاله الغطريف بن عطاء الكندي.

.خبر يحيى بن عبد الله في الديلم.

وفي سنة خمس وسبعين خرج يحيى بن عبد الله بن حسن أخو المهدي بالديلم واشتدت شوكته وكثر جمعه وأتاه الناس من الأمصار فندب إليه الرشيد الفضل بن يحيى في خمسين ألفا وولاه جرجان وطبرستان والري وما إليها ووصل معه الأموال فسار ونزل بالطالقان وكاتب يحيى وحذره وبسط أمله وكتب إلى صاحب االديلم في تسهيل أمر يحيى على أن يعطيه ألف ألف درهم فأجاب يحيى على الأمان بخط الرشيد وشهادة الفقهاء والقضاء وأجله بني هاشم ومشايخهم عن عبد الصمد منهم فكتب له الرشيد بذلك وبعثه مع الهدايا والتحف وقدم يحيى مع الفضل فلقيه الرشيد بكل ما أحب وأفاض عليه العطاء وعظمت منزلته الفضل عنده ثم إن الرشيد حبس يحيى إلى أن هلك في حبسه.